وموقف النجاشى، والمقوقس، وهرقل - من الدعوة الإِسلامية - معروف. والنصارى - لا النصرانية - لم يحاربوا الإِسلام، إلا بعد أن خرجوا على تعاليم النصرانية دينهم، وبعد أن استبدت بهم المطامع والشهوات، فشَنُّوا الحروب البيزنطية، والحروب الصليبية، والحروب الاستعمارية على الإِسلام والمسلمين. والنصرانية من كل هذا براء.
شدة العداوة من اليهود: قائمة - أساسا - على تعصبهم واستعلائِهِم، وكراهتهم خروج النبوة من ولد إِسرئيل، ثم على تَرَسُّلِهِم في شهواتهم، مما أدى إلى تمردِهم على الأَنبياء، وتكذيبهم، وقتل المئات - بل الآلاف - منهم في هذا السبيل.
وأشد ما لاقى الرسول ﷺ من الأذى والعنت والعداء - كان من يهود الحجاز في المدينة وما حولها، ومن مشركي العرب. ولا سيما مشركي مكة وما حولها، ولكن مشركي العرب - على جاهليتهم - كانوا أرق من اليهود قلوبا، وأعظم مروءَة وإِيثارا.
ولهذا بدأَ باليهود - كما أَسلفنا - في ترتيب العداء للإسلام. فقد حاربوا الإِسلام بالسلاح، كما حاربوه بالكيد والتآمر، ومحاولة تشويه تعاليمه السامية، بما دسّوا فيه من إِسرائيليات، فضلا عما اخْتُصُّوا به من قتل بعض الأنبياء بغير حق، وإِيذائهم لبعضهم الآخر، واستحلالهم أَكل أموال غيرهم بالباطل من الربا والرشوة، مما يزخر به تاريخهم.
أي لتجدن يا محمد، أقربَ الناس محبةً ومودةً لك وللمؤمنين: الذين قالوا إنا نصارى.
وقد رأَى النبي ﷺ، ورأى صحابته من نصارى الحبشة، وملكهم - حُسْنَ الحماية والرعاية وطيبَ المودة للذين هاجروا إلى الحبشة، حيث عاشوا في أَمن وسلام ولم يسلموهم إِلى أَعدائهم المشركين، الذين استعْدَوْا عليهم ملك الحبشة، وحاولوا