أَعلَمَ اللهُ سبحانه المؤمنين: أَن الشهادة المشروعة بينهم - حين الوصية - هي شهادة اثنين من أَصحاب العدالة والتقوى: يُشْهِدهما الموصِى على وصيته، فيتحملان هذه الشهادة، لأدائها عند الحاجة.
(مِنكُمْ): أَي من المؤمنين، وقيل: من أَقارب الموصِى.
(أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ):
أَي من غير المسلمين. فكأَنه قال: أَو شهادة اثنين آخرين من غير المسلمين.
﴿إِنْ أَنتُمْ ضرَبْتُمْ في الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ):
أَي: إِن أَنتم سافرتم في الأَرض، ونزلت بكم مصيبة الموت، وأَردتم الإِيصاءَ. فأَشهِدوا عَدْلَيْن من أَقارب الموصى أَو من المؤمنين أَو آخرَين من أَهل الذمة. أَي فأَشهدوا عدلَين منكم معشر المؤمنين. وقيل عَدْلَيْن من أَقارب الموصى. وذلك إِذا تَيسَّرَ وجودهما. فإِن لم يتيسر وجودهما - بسبب السفر مثلا - فيجوز اختيارُ اثنين من أَهل الذمة. وقيل من غير أَقارب الموصى له.
(تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلَاةِ):
تمنعونهما من الانصراف للتحليف بعد الصلاة. والمراد بالصلاة التي يُحْبَسان بعدها، صلاة العصر، لأَنه وقت اجتماع الناس، ولأَنَّ الحُكَّام كانوا يجلسون للقضاء في هذا الوقت بين الخصوم.
وقيل: بعد أَي صلاةٍ كانت؛ لأَن الصلاة داعية إِلى النطق بالصدق، وناهية عن الكذب لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ … ﴾ (١).
والمأثور عن النبي ﷺ، أَنه حلَّف عديا وتميما الداريَّ بعد العصر.