للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: واذكر أيها المتأَمل، حين قال الحواريون: يا عيسى بن مريم، هل يستجيب لك ربُّك إِذا سأَلته أَن ينزل علينا مائدة من السماءِ؟

﴿قَالَ اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾:

قال عيسى: خافوا الله، فلا تقترحوا عليه الآيات، تَأَدُّبًا معه تعالى، إِن كنتم مؤمنين بما جئتكم به.

١١٣ - ﴿قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾:

أي: نطلب المائدة لأربعة أَسباب؛ أَن نأْكل منها. وأَن تطمئن قلوبُنا بأَننا على الحق، بانضمام المشاهدة، واللمس، والذوق، والشم إِلى علم السمع. وأن نعلم - علم اليقين - أَنك قد صدقتنا فيما جئتنا به بعد أن علمناه بالبرهان. وأن نكون على هذه المعجزة من الشاهدين، عند الذين لم يَرَوْها من قومنا، لِيؤْمنَ كافِرُهم، ويزدادَ الذين آمنوا إيمانا.

١١٤ - ﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنَا … ﴾ الآية.

قال عيسى بن مريم - بعد أن علم من الحواريين أَن سؤالهم كان لزيادة العلم واليقين - يا الله، يا ربنا، ومالكَ أَمرنا، ومتولى تربيتنا:

﴿أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ﴾:

لأَول هذه الأمة وآخرها، واجعلْها آية منك وعلامة من لدنك: ترشد القوم إِلى صحه نُبُوَّتى.

(وَارزقنَا): منها ومن غيرها.

(وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقينَ): ترزق من تشاءُ بغير حساب.

١١٥ - ﴿قَالَ اللهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ … ﴾ الآية.

هذا وَعْدٌ من الله تعالى - بإِنزال المائدة. أَجاب به سؤال عيسى. وهو يقتضي أنه قد أنزلها، فإِن وعده الحق. وقد رتب الله ﷿ على هذا الوعد شرطا فقال سبحانه:

﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾:

أَي: منْ يكْفر منكم - بعد نزول هذه الآية التي اقترحتموها - فإنى أَعذبه عذابا لا أُعذبه أَحدا من العالمين. حيث لا عذر لمن يرى الآيات تترى من رسوله، ثم يطلب بعد ذلك آية على النحو الذي اقترحه، فيجاب لها، ثم بعد ذلك يكفر!!