ثم يتبع ذلك بالآيات البينات، الدالة على وحدنيته تعالى، حتى يصل إلى محاجة إبراهيم لقومه في شأن عبادة الأصنام والكواكب.
وقد جاءت تلك المحاجة في أسلوب التنزل مع المشركين والتظاهر بأنه - عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام - يسايرهم في عائدهم، ليثبت لهم - في النهايه - فساد عبادتهم لها، ويقول لهم:(وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)).
ثم يستمر السياق من آن لآخر، يذكر الناس بعظمة الله تعالى وتفرده بالألوهية، حتى تنتهى قبيل نهاية السورة بقوله:(قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ … (١٦٤)).
٢ - التنبيه إلى خطإ الكافرين في تكذيب النبي ﷺ وبيان أنهم وصلوا من العناد، إلى أنهم لو نزل عليهم كتاب من السماء ولمسوه بأيديهم، وتحققوا من نزوله من السماء، وكان هذا الكتاب يدعوهم إلى الإيمان بالرسل - لزعموا أنه سحر مبين، وجاء فيها عبد ذلك بيان فساد رأيهم في طلب أَيكون الرسول ملكا، وإذ أنه لو نزل بصورته الحقيقة لهلكوا؛ لأنهم لا يحتملون لقاءه. ولو نزل بصورة بشر لالتبس الأمر عليهم.
٣ - تسلية الرسول بما أصاب الرسل قبله من سخرية أقوامهم بهم وتكذيبهم إيهاهم، وتهديد مكذبى الرسل بمثل عقابة المكذبين قبلهم.
ثم يمضى الحجاج بين الرسل وبين قومه، في أنحاء السورة، ويبين تارة أن على قلوبهم أكنة أن يفقهوه، وفي آذانهم وقرا. وتارة أُخرى أنهم إن يروا آية لا يؤمنوا بها، ويقولوا سحر مبين.
ثم تمضى السورة في هذا الحوار، بين الحق الواضح والباطل الفاضح، حتى تدمغهم وتدحض حججهم.