٢ - تسلية وعزاءٌ له مما يلقى من المشركين من عناد، وما يساق إليه منهم من ضُرٍّ وأَذى، وتثبيت لقلبه، وإِعانةٌ له على المضى في تبليغ رسالته.
٣ - بشارة له بحسن العاقبة، وما سيكون له من نصرٍ وتأييد، وقد كان جزاءُ المستهزئين - بمن قبله من الرسل - عذابَ الخزي باستئصال. ولكن الله كفاه المستهزئين به، فأهلكهم ولم يجعلهم سببا لهلاك قولهم: ﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهزِئِينَ﴾ (١).
ولما كان ما يحل بالمستهزئين بالرسل من الهلاك - بحسب سنة الله المطردة فيهم، مما يرتاب فيه مشركو مكة لجهلهم بالتاريخ، وعدم تسمليمهم بخبر الآية - أمر الله تعالى رسوله، بأَن يدلهم على الطريق الموصل إلى علم ذلك بأَنفسهم. فقال:
أَي قلْ يا محمد، للمكذبين المستهزئين بك من قومك، المحبين للأَسفار مع الغفلة، عن شئون الأُمم، والاعتبار بعاقبة الماضين، وأَحوال المعاصرين: سافروا في الأَرض - كشأنكم وعادتكم - وتنقلوا في ديار أولئك الأُمم الذين مَكَّنَاهم في الأَرض، ثم انظروا - في أَثناء رحلاتكم صيفا أَو شتاءً - آثارَ ما حل بهم من دَمار ساحق، وعذاب أَليم. وتأَملوا كيف كانت آخرتهم ونهايتهم: بما تشاهدون من آثارهم، وما تسمعون من أَخبارهم، ليكون في ذلك لكم عبرةٌ إن لم تصدقوا ولم تزجرْكم حُجَجُ الله عليكم!!