إِن الله تعالى، أمرَك: أَن تنكل ما دعوكَ إِليه، من اتخاذ غير الله تعالى معبودا، وهو الذي له ما في السموات وما في الأرض. وله ما سكن في الليل والنهار - وهو الذي فطر السموات والأَرض، وأَبدعهما على غير مثال سبق. وهو الذي يرزق غيرَه، ولا يرزقه غيرُه. فهو الذي يرزق الكائنات الحية ويطعمها، ويمدها بما يحفظ وجودها وبقاءَها وليس هو بحاجة إلى من يرزقه ويُطعمه.
وكيف يصح أَن يكون مصدر العطاء محتاجا إِلى عطاءٍ؟ وكيف يتخذ المضلون من البشر أَولياءَ مع الغَنِيِّ الحميد الفعال لما يريد؟
أَي قل يا محمد - بعد إِيراد هذه الآيات والحجج على وجوب عبادة الله وحده وعدم اتخاذ غيره وليًّا - إِنيِّ أُمِرتُ من ربي: أَن أَكون أَول من أَسلم إِليه وانقاد لدينه. من هذه الأُمَّة التي أَنا رسولُها وداعيها إِلى الحق. فلستُ أدعو إِلى شيء لا آخذ به. بل أَنا أَولُ مؤمن بهذا الدين، وأَول عامل بما جئت به من شريعة وأَحكام.
وكما أُمِرتُ أَن أَكون أَولَ من أَسلم. قيل لي: لا تكوننَّ من المشركين: فلا تطمعوا في استجابتي إِلى ما دعوتموني إِليه من الإِشراك بالله تعالى.
وبعد أَن أَقنطهم الله من مشاركة الرسول لهم في شركهم، أَمر الله رسولَه: أَن يبين لهم سوءَ عاقبة من عصى الله وأَشرك به. فقال تعالى: