جاءَ في القرطبي: عن الحسن وغيره، في سبب نزول هذه الآية: أَن المشركين قالوا للنبي ﷺ: مَن يشهدُ لك بأَنك رسولُ الله؟ فنزلت الآية.
والمعنى: قل يا محمد لقومك: أَي شيءٍ شهادته أَكبر شهادة وأَعظمها، وأَجدر أَن تكون أَصحها وأَصدقها؟ وما الشاهد الذي تكبرون شهادته. وتنزلون على ما يشهد به.
ولم يمهلهم الله أَن يجيبوا، لأَنهم لا يجيبون إِلا ضلالا، ولا يقولون إِلا زُورا وبهتانا. بل تلقاهم بالشاهد الذي لا يصح أَن تُرَدَّ شهادته، لأَنه الشاهد الذي لا يجوز أَن يقع في شهادته كذب ولا زور، ولا خطأُ. والذي يحكم ولا معقب لحكمه: ويقضى ولا رَادَّ لقضائه إِنه هو الله رب العالمين. هو الشهيد بيني وبينكم. وقد أوحى إِلَيَّ هذا القرآنُ: شاهدًا من لَدُنْهُ برسالتي، لأُنذرَكم به عذاب يوم عظيم، ولأُنذر كلَّ من يبلُغه القرآن - إِلى يوم القيامة. وفي هذا، دلالة كل عموم الرسالة، وأَن أَحكام القرآن: تَعُمُّ الثقَليْن إِلى يوم الدين.
أخرج ابن مردويه: وأَبو نعيم عن ابن عباس مرفوعا قال: "ومن بلغه القرآن فكأَنما شافهتُه به" ثم قرأَ ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾.
وقد أَشارت الآية: إلى وجوب تبليغ رسالة النبي ﷺ.
وقد جاءَ ذلك - صراحة - فيما رواه البخاري، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ قال:"بَلِّغُوا عَنِّى، وَلَوْ آيَة … " الحديث.
وشهادة الله لرسوله: تتجلى فيما يأْتي:
١ - شهادة كُتُبِ اللهِ السابقة لنبيه، وبشارة الرسل السابقين به.
ولا تزال هذه الشهادة ماثلة في كتب اليهود والنصارى، وهم يُؤَوِّلُونها.