ومن وسائلهم ما مَرَّ قريبا. من أنهم عرضوا على الرسول ﷺ، إِقصاءَ الفقراء عن مجلسه إِذا جلسوا إِليه واستمعوا منه ما يدعوهم إِليه. وكان هدفهم من ذلك: إيقاع الفرقة بينه وبينهم، وإيغار صدور المؤمنين من نبيهم. إِلى جانب احتقارهم. فنهاه الله عن إبعادهم وكرَّمهم، فاغتاظ المشركون، وجعلوا يخوضون في القرآن تكذيبًا واستهزاءً، يريدون بذلك صَرْفَ المسلمين عنه، فأَمرهم الله بالابتعاد عن مَجَالسِهم حتى يخوضوا في حديث غيره.
ثم أَمر النبىَّ ﷺ بالإعراض عن سفههم، وألاَّ يبالِى بما يقولونه في شأْنه وشأْن ما أُنزل عليه، وأن يمضِىَ في إِبلاغهم دعوة ربه، ووعظِهم وتذكيرهِم.
أَي: واترك - يا محمَّد - المشركين الذين جعلوا دينَهم شيئًا يشبه اللعب واللهو، حيث عبدوا الأَوثان وجعلوها آلهة، وأَباحوا أَكْلَ الميتة، وحرموا البحيرة والسوائب، وغيرَ ذلك من الأمور التي لا أَثر للجد فيها.
وقيل: المراد بهذه الجملة؛ أَنهم اتخذوا الإِسلام - دينهم الذي كلفوا به - شيئا يشبه اللعب واللهو، حيث سخروا بكتابه العظيم.