للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإِنما اختار لإِلزامهم إنزال التوراة عام موسى، لأَنه معترف به ومسلم عندهم، بدون جدال.

﴿نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ﴾:

أي أَنزلنا التوراة، واضحة في نفسها، مرشدة للناس إِلى الطريق المستقيم.

﴿تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا﴾:

أَي - ومع وضوحه وظهور دلالته - تكتبونه في أَوراق مفرقة؛ ليسهل عليكم إظهار ما تريدون اطلاع الناس عليه، وإِخفاءُ الكثير من أَحكامه وشرائعه، مما لا تحبون معرفة الناس له، إِرضاءً لشهواتكم.

﴿وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ﴾:

أَي: وعلمكم الله - على لسان محمَّد زيادة على ما في التوراة.

بيانًا لما التبس فَهْمُهُ عليكم وعلى آبائكم، الذين كانوا أَعلَم منكم.

ومصداق هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ (١).

﴿قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾:

أَمر الله نبيه أَن يجيب بجواب لا جواب سواه، عن الذي أَنزل الكتاب على موسى … إِنما أَنزله الله تعالى. ثم أَمره - بعد هذا الجواب - أَن يهملهم ويتركهم وخوضهم في باطلهم، حيث لم تنفع معهم الحجج الواضحة، والبراهين الساطعة.

٩٢ - ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا … ﴾ الآية.

أَي: هذا القرآن: كَتاب الله المشتمل على ما ينفع الناس، منزلٌ من الله تعالى على محمَّد، عظيمُ النفع، كثيرُ الفوائد، موافقٌ للكتب التي سبقته في التوحيد، وفي تنزيه الله، وفي أُصول العقائد، ليكون وسيلةَ إِنذار لأَهل مكة، وسائر الناس.


(١) النمل، آية: ٧٦