وجملة: ﴿وَليَقُولُوا دَرَسْتَ﴾: جملة طلبية كما بَيَّناه في المفردات. وقد جاءَت معترضة بين ما قبلها وما بعدها، للمسارعة إِلى تسلية النبي، ﷺ، عن معارضتهم.
فإِن المراد منها: أَلَّا يَعْتَدَّ بما يقولون من الأَكاذيب. فقد زعموا: أَن النبي ﷺ، درس على أَهل الكتاب، وتَعلَّمَ منهم، وأَلَّف القرآن، وفقًا لما أَخذه عنهم. مع أَن مكة خالية من أَهل الكتاب، ولم يَلْقَ ﷺ أَحدا منهم فيها، ولا في غيرها، كما أَنه ﵇ أُمِّىٌّ. والقرآن فوق طاقة البشر جميعًا. ومنهم محمَّد ﷺ، فبذلك تكون دعواهم ظاهرد البطلان، ولا تستحق أَن يبالى بها النبي ﷺ.
﴿وَلنَبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ (١):
والمعنى ولنبيّن أَنه قرآن من عند الله لمن يعلَمون ذلك حقَ العلم من أَهل الكتاب - لنلزمهم الحجة، ولعلهم يرشدون.
ولوأراد الله عدم إِشراكهم ما أَشركوا، بأَن يحملهم على الهدى، ويلجئهم إلى الإِيمان ولكنه تركهم لا يدور عليه أَمر التكليف وهو الاختيار.
ولمّا تركهم لاختيارهم، لم يحسنوا الانتفاع بآياته، فتخلى عن معونتهم.
﴿وَمَا جَعَلْنَاكَ﴾: يا محمد ﴿عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾: قَيِّمًا وحارسًا، يحفظهم من الشرك، حتى تؤاخذ بشركهم.
(١) هذه الجملة معطوفة علي مقدر. أي نصرف الآيات لنلزمهم الحجة، (ولنبينه لقوم يعلمون) وجملة (وليقولوا درست) معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه، لتسلية الرسول ﷺ.