للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليه من الذبائح، ولو كانت من هذه الأَصناف الأربعة، وأَن يقتصروا في التحريم على ما حرمه الله عليهم، إِلا ما اضطروا إليه اضطرارا.

والمعنى: فكلوا - أَيها المؤْمنون مما ذكِرَ اسم الله عليه من الماشية والطير عند ذبحه، إِن كنتم مؤْمنين بآياته التي أَنزلها في شأْن المطاعم وغيرها، فإِن شأْن المؤْمن: أَن يمتثل ما أَمره به مولاه .

١١٩ - ﴿وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ … ﴾ الآية.

المعنى: وأَى غرض لكم في تَرْك الأَكل مما ذكر اسم الله عليه عند ذبحه، والتحرج من تناوله، إذا كان مما حرّمه المشركون زورا وافتراءً على الله، من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، فإِنها حلال في شرع الله، كسائر ما يذبح من الماشية والطير، مذكورا عليه اسم الله، وقد فصل الله لكم ما حرم عليكم في قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ … ﴾ (١).

فكونوا عند حدود الله، فلا تعتدوها. لكن ما اضطررتم إِلى أَكله من المحرمات، فإِنه حلال لكم، بقدر الضرورة التي تحيا بها النفس.

﴿وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾:

وإِن كثيرا من الكفار ليُضِلُّون الناس بتحريم الحلال، وتحليل الحرام، بأَهوائهم الزائفة، وشهواتهم الباطلة، بغير علم مستند إِلى وحىِ الله تعالى.

﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ﴾:

في هذه الجملة وَعيدٌ لمن يعتدون على شريعة الله، والعبث بها: بتحريم ما أَحل، وتحليل ما حرم.

والمعنى: إن ربك هو أعلم بما يفترونه عليه من ذلك، فيجازيهم عليه شَرَّ الجزاءِ.

وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾ (٢).


(١) سورة المائدة، من الآية: ٣
(٢) سورة النحل، الآية: ١١٦