أي: فقالوا هذا لله زاعمين أَنه يصرف في مرضاة الله وهم - كاذبون فيما زعموه - كما يدل عليه قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ﴾ وسيأْتى تفسيره.
أي وقالوا أَيضا هذا النصيب الآخر لآلهتنا، يصرف في مرضاتها.
أَي: فما خصوه بشركائِهم وأوثانهم، لا يصل منه شئٌ إِلى وجوه الخير، التي ينبغى أَن ينفق فيها النصيب الخاص باللهِ تعالى. بل هم يقصرونه على أَوثانهم، اهتمامًا منهم بالتقرب إِليها.
وأما ما خصوه باللهِ عَزَّ رجلَّ، فإِنهم يقتطعون منه لأَوثانِهم أَو يستبدلون به مالها، ولا يصدقون في تخصيصه بالله والتقرب إليه.
فالآية تقرر: أنهم كانوا يُعيِّنُون نصيبا من الزرع ونتاج الأَنعام لله تعالى، ليصرفوه في وجوه البر والخير إِلى الضيفان والمساكين، وكانوا يعينون نصيبا آخر من ذلك لآلهتهم؛ وينفقونه عليها وعلى سدنتها، ويذبحونه عندها تقربا إِليها.
ولكنهم إِذا رأَوا ما عينوه لله أزكى وأَكثر نماءً مما عيّنوه لآلهتهم، عكسوا، فجعلوا ما لله لآلهتهم، وما لآلهتهم لله تعالى.
وإِذا رأوا ما عينوه لآلهتهم أَزكى مما عينوه لله تعالى، فإِنهم يتركونه لآلهتهم؛ حُبُّا وإيثارًا لها.
وفي قوله تعالى:
﴿مِمَّا ذَرَأَ﴾: تنبيه على فرط جهالتهم، حيث جعلوا للخالق - فيما خلق من الزرع والأَنعام شريكا لا يقدر على شئٍ، ثم رجحوه عليه بأن جعلوا الزاكى النامى له، سواءً أَكان معينا له أَم لله تعالى.
ولذا ختم الله سبحانه الآية بقوله:
﴿سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾:
أي: قبح حكمهم الذي اقتضى إِيثار آلهتهم على الله تعالى، فيما خلق الله … وقبح عملهم بما لم يُشْرَعْ لهم.