فإِن كان التحريم بسبب الذكورة، لزمهم تحريمها، وهم لم يفعلوا ذلك.
وإِن كان التحريم بسبب الأُنوثة، لزمهم تحريم جميع الإِناث، ولم يفعلوا ذلك أَيضا.
وإِن كان التحريم بسبب اشتمال الرحم على الجنين، لزمهم تحريم جميع الذكور وجميع الإِناث؛ لأَن الكل يشتمل عليه الرحم. ولم يفعلوا.
ومثل ذلك. يقال في الإِبل والبقر: الآتيين.
﴿نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾:
أَي: أخبروني بأَمر معلوم من جهة الله تعالى، جاءَ به الأَنبياءُ عليهم الصلاة والسلام، يدل على أَن الله سبحانه، حرم شيئا مما ذكر، إِن كنتم صادقين فيما زعمتموه من أَن التحليل والتحريم هما من عند الله.
١٤٤ - ﴿وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ … ﴾ الآية.
أَي: ومن الإِبل اثنين: ذكرٍ وأُنثى. ومن البقر اثنين: ذكرٍ وأُنثى. قل لهم يا محمد، أَكان التحريم بسبب الذكورة في هذين الصنفين؟ أَم كان بسبب الأَنوثة فيهما؟ … إِلخ ما بَيَّن في الآية قبلها.
وإِنما ذكر في هذه الآية، ما ذكر في الآية السابقة - لزيادة الإِلزام والتبكيت والإِفحام.
﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا﴾:
هذا انتقال من توبيخهم على تحريم ما حرموه بغير علم، إِلى توبيخهم بنفي حضورهم وصية الله بالتحريم.
والمعنى: بل أَكنتم حاضرين مشاهدين حين وصاكم الله، وأَمركم بهذا التحريم؟!
والمراد نفى الوصية بالتحريم. فلذا لم يشهدوها.
والحاصل: أن العلم بالتحريم، إِما أَن يكون عن رسول أَخبرهم به، وإِما أَن يكون عن مشاهدة لله وسماع منه تعالى … وكلا الأَمرين منتف.
وبذلك يبطل تحريمهم كما حرموه عن الله تعالى.