لأَقعدنَّ لآدم وذريته، راصدًا لهم في طريقك المستقيم، الموصل إِلى جنتك، الذي دعت إليه رسلك.
وقعود الشيطان لبنى آدم في الصراط المستقيم - وفي تلك الجهات - كناية عن رصده لهم، ومراقبتهم عندما يتجهون إِليه، ليبعدهم عنه.
وتفسير الإِغواء بالإِضلال، هو رأْى ابن عباس، ونسبة الإغواء بمعنى الإضلال إِلى الله تعالى، لا يمنعها أَهل السنة.
والمحققون منهم: يرون أَن المراد من إضلال الله للعبد: التخلى عن توفيقه إِياه، بعد أن اختار العبدُ سبيل الضلال.
والمعتزلة: يمنعون نسبة الإغواء بمعنى الإضلال إِلى الله تعالى، ويقولون: هذا كلام الشيطان فلا يحتج به. كما قالوا أَيضا: يمكن أن يكون المعنى فما خيبتنى من رحمتك أَو فبما أهلكتنى بطردك إياى ولعنك لي .. الخ فكما يطلق الإِغواء لغة على الإضلال، يطلق على التخييب والإِهلاك.
اقتصار إِبليس على تلك الجهات الأربع، دون أن يذكر - فَوْقَهُمْ وتحتهم - لأَنها هي الجهات التي اعتاد العدو الهجوم منها.
ومعنى ﴿مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾): من أَمامهم.
والمقصود من ذكر الشيطان هذه الجهات، هو المبالغة في متابعة إِغوائه لهم. دون حقيقة تلك الجهات. فإن وسوسته لهم قلبية ونفسية. وهو يجرى من ابن آدم مجرى الدم. فلا حاجة له إِلى تلك الجهات.
ويجوز أن يكون غرضه من تلك الجهات: أنه سيضلهم عن الحق أينما اتجهوا إليه. إقبالًا أَو إِدبارًا، وميامنة أَو مياسرة. بحيث لا يترك لهم فرصة للإفلات منه. لعنه الله.