ودعاهما ربُّهما، لتشديد العتاب لهما، على مخالفة النهي، قائلا لهما: أَلم أنهكما عن الأَكل من تلك الشجرة التي أَكلتما منها، وأَقل لكما إِن الشيطان لكما عدوٌّ بَيِّنُ العداوة؟ وذلك القول حكته سورة طه كما يلي:
فأنزلهما الشيطان عن طاعة الله إلى عصيانه، إِذْ أَكلا من الشجرة المحرّمةِ عليهما بسبب ما خدعهما به من فوائدها، وإِقسامه لهما إنه لمن الناصحين.
فلما ذاقا ثمرة هذه الشجرة، ظهرت عوراتهما، بتنحية الله الثياب عنهما؛ عقُوبةً لهما. وشرعا يجمعان عليهما من ورق أَشجار الجنة، لاصقين بعضه على بعض، ليسترا به عورتيهما.
وناداهما ربُّهما قائلا لهما - على سبيل العتاب - أَلم أَنهكما عن قربان هذه الشجرة وأَقل لكما - محذرا - إِن الشيطان لكما عدو ظاهر العداوة؟ فكيف خُدِعتما بإغوائه؟.
قال آدم وزوجه. ضارعَينِ إِلى الله، معترفينِ بخطيئتهما، مستغفريْنِ منها:
ربنا ظلمنا أنفسنا بمخالفة نهيك وتصديق إِبليس، وتعريضها - بسبب ذلك - لسخطك وعقوبتك. وإِن لم تتجاوز عمَّا فرط منا، وترحمنا بالرضا والفضل - لنكونن من الخاسرين.
واستدل بالآية بعضُ العلماءِ، على أن الصغائر يعاقَبُ عليها مع اجتناب الكبائر.
فإن آدم لم يرتكب كبائر، فلمَّا فعل صغيرة الأكل من الشجرة المحرَّمة - احتاج إلى استغفار ربه ليغفرها له، فلو كان اجتناب الكبائر يكفى في غفران الصغائر، لا كان هناك داع لاستغفار آدم من زلَّة صغيرة.