أَي قال شعيب جوابًا لقولهم - أو لتعودن - أنعود في ملتكم حتى في حال كرهنا لها لن يكون منا ذلك مطلقا في أَي حال يعد أَن نجَّانا الله من ظلمة الكفر والضلال ومنّ علينا بنعمة الإِيمان.
وتوسيطهم النداء بقولهم (يا شعيبُ) بين تهديدهم له ولمن آمن معه بالإِخراج، لزيادة تهديدهم الناشئ عن غاية طغيانهم واستكبارهم.
أَي نكون قد اختلقنا على الله كذبًا عظيما بلغ غاية القبح والشناعة إن رجعنا إلى الشرك الذي أنتم عليه بعد أن خلصنا الله منه وهدانا إِلى الإيمان إِذ يكون الرجوع حينئذ اعترافًا منا بظهور أَن ما كنا عليه من الإِيمان والتوحيد باطل وكذب. وما أَنتم عليه من الكفر والضلال حق وصدق - وهذا منتهى التناقض - ولا كذب أَقبح وأَشنع من هذا.
﴿وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا﴾: أي وما يصح وما يتصور منَّا الرجوع إلى الشرك في حال من الأَحوال إلاَّ في حال مشيئة الله - تعالى - خالقنا ومربينا، وحاشا أَن يشاء الله - ذلك بعد إنقاذه - سبحانه - لنا من الوثنية والضلال وعنايته بإِرشادنا وإبلاغنا إلى الكمال اللائق بنا فهو ربنا الرحيم بنا، الذي أبلغنا بتربيته لنا إلى ما نحن فيه من الكمال الدينى.
﴿وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾: أَي أحاط علم خالقنا الذي ربَّانا وأَبلغنا إلى الكمال اللائق بنا، - أحاط علمه - بكل ما كان وما سيكون من الأَشياءِ، ومن جملة ذلك أَحوال عباده ونياتهم فلا يعيدنا إلى الكفر بعد أن أَنقذنا منه ما دمنا معتصمين بحبله المتين ودينه القويم ﴿عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا﴾: أَي على الله وحده توكلنا وفوضنا إليه أَمر تخليصنا من الأشرار وتثبيتنا على الإيمان.
وبعد أن ظهر لشعيب ما عليه قومه من العتو والطغيان، وأَنه لا أَمل في إيمانهم، أَعرض عنهم ونادى ربه طالبا أَن يفصل بينه وبينهم بالحق. فقال: