للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَي: هؤلاءِ الذين كذبوا دعوة شعيب إلى توحيد الله والإِصلاح وترك الفساد في الأَرض.

﴿كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا﴾ أَي: كأَنهم بعد إِهلاكهم بالزلزلة الشديدة لم يقيموا أَبدًا بديارهم حيث استُؤْصِلُوا بالرجفة. وكانوا وحدهم الخاسرين في الدنيا بالهلاك الشديد وفي الآخرة بعذاب النار - خسروا وحدهم دون شعيب ومن آمن معه كما كانوا يظنون. اقرأ قولهم فيما سبق: ﴿لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ﴾.

وبمقابلة هذه الآية بما قبلها يتبين أمران:

١ - أن استئصالهم بارتجاف الأَرض حتى كأَنهم لم يقيموا فيها كان في مقابلة تهديدهم لشعيب بقولهم: "لنخرجنك يا شعيب".

٢ - أن ما جاءَ في هذه الآية من خسران الكافرين من قوم شعيب وحدهم، جاءَ في مقابلة قول رؤسائهم لأتباعهم تحذيرًا من اتّباع شعيب: "لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذًا لخاسرون".

وبهذا ظهر أن جزاءهم كان من جنس ما كانوا يقولون، ولكنه يفوقه في الشدة.

٩٣ - ﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾:

أي فأَعرض شعيب وابتعد عن قومه حين رأَى الهلاك الذي نزل بهم وقال معتذرًا عن عدم حزنه عليهم وأَسفه على ما حل بهم، ومتبرئًا من ظلمهم يا قوم والله: لقد اجتهدت في إبلاغكم رسالات الله الذي خلقنى وربانى وبينت لكم ما فيها من سعادة دنياكم وأُخرا كم، وبذلت وسعى في توضيح طريقى الخير والشر فلم تستجيبوا لي - وكان الواجب أن تسمعوا قولى وتقبلوا نصحى. فحقت عليكم كلمة العذاب - بما قدمتم - فكيف أحزن على هلاك قوم بالغوا في الكفر، وأصروا عليه، واستكبروا استكبارًا، لن يكون ذلك مني.