أَي وإِن يتضح لهم طريق الغواية والفساد والانحراف، بتحذيرهم منه، يختاروه لأَنفسهم مسلكًا مستمرًا لا يعدلون عنه، مع وضوح التحذير منه، كى يصلوا إلى تحقيق شهواتهم ومآربهم وإِشباع أَطماعهم.
أَي ذلك التكبر وعدم الإِيمان واتباع طريق الغى والإِعراض عن طريق الهدى - ذلك فعلوه - بسبب كفرهم بآياتنا الدالة على صدق ما أَرشدنا إِليه ودعونا إلى التمسك به، وفساد ما أَقاموا على فعله من القبائح والمنكرات، وبسبب غفلتهم عن التأَمل في الحق الذي أَنزلناه، ولو أَنهم تدبروا ما جئنا به وعقلوه لما فعلوا الأَباطيل، ولما سلكوا طريق الشيطان وتأْكيدًا للتحذير قال تعالى:
أَي الذين لم يصدقوا بآيات الله الداعية إِلى الإِيمان المحذرة من الكفر والعصيان، وضموا إِلى ذلك إِنكارهم لمجئِ الدار الآخرة ووقوع الجزاء فيها على الخير والشر - هؤلاءِ - بطل ما عملوه في الدنيا من بِرٍّ وصلة رحم وإِغاثة ملهوف وغير ذلك، ولا يجزون إلا على ما عملوه من الكفر والمعاصي، إِذ الشرط في قبول أَعمال الخير والإِثابة عليها في الآخرة تحقيق الإِيمان باللهِ وشرائعه قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾ (١).