للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

١٧٣ - ﴿أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ .. ﴾ الآية:

أَي أَن الله تعالى أَخذ عليهم العهد بربوبيته حتى لا يعتذروا عن شركهم بغفلتهم، كما مر في الآية السابقة، أَو يعتذروا بأَن يقولوا: إِنما أشرك، آباؤُنا من قبلنا وكنا ذرية لهم من بعد شركهم، فأَشركنا بشركهم، ونشأْنا نقتدى بهم - كما قالوا: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ (١).

والمراد بيان أَن الله أَثبت بالحجة على كل نفس أَنه أَخذ الميثاق عليهم بتوحيده وأَنه لا يقبل منهم عن الشرك الاعتذار بالغفلة والجهل أَو التقليد للآباء.

﴿أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾: أَي أَتؤَاخذنا فتعذبنا بما فعل المشركون من آبائنا والذنب ذنبهم وتجعل عذابنا مثل عذابهم، مع قيام عذرنا بتقليدنا لهم وحسن الظن بهم؟ ولكن هذا الاعتذار لا يجديهم، بعد إِرسال الرسل مرشدين لهم، مؤيدين لفطرة الله فيهم.

١٧٤ - ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾: أَي ومثل هذا البيان البليغ الواضح نبين الآيات الناطقة بمصير المقلدين لآبائهم ليتفكروا هم ومن على شاكلتهم، ولعلهم يرجعون عن غيهم وجهلهم وتقليدهم، ويعودون إِلى الرشد والهداية الصحيحة، بحيث يعرفون ما وجب عليهم نحو خالقهم.

﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (١٧٧)﴾.


(١) سورة الزخرف من الآية ٢٣.