﴿فَاتَّقُوا اللهَ﴾: أَي إِذا كان أَمر الغنائم لله وللرسول، فاجعلوا لكم وقاية تقيكم من شر الاختلاف والتخاصم والتنازع وذلك بالرضوخ لحكم الله ورسوله، لتنجوا من عذاب الله تعالى، أَو فاتقوه تعالى في كل ما تأْتون وتذرون من النِّيَّات والعقائد والأَعمال، ﴿وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ أَي: وأَصلحوا ما بينكم من الأَحوال والصلات التي تربط بعضكم ببعض، وإِصلاحها بالوفاق والتعاون، والمساواة، وترك الأثرة، لأَن إِصلاح ذات البين واجب، يتوقف عليه قوة الأُمة وعزتها، ومنعتها، وتحفظ به وحدتها.
﴿وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ﴾: أَي في أَمر الغنائم وغيرها بامتثال أَمر الله، واجتناب نهيه حسبما أبلغنا رسول الله ﷺ، فالرسول يطاع في أَمر الدين، لأَنه مبلغ عن الله تعالى، ومبين لوحيه بالقول والفعل والحكم.
ويتوقف على طاعة الله ورسوله النجاة والفوز بالثواب في الآخرة.
عن أَبي أمامة الباهلى قال: سأَلت عبادة بن الصامت عن الأَنفال فقال: "فِينَا مَعْشرَ أَصحابِ بدرٍ، نزلتْ حين اختلفنَا في النَّفَل، وساءَت فيه أَخلاقُنا فنزعه اللهُ من أَيدينا، وجعله إِلى رسول الله ﷺ، فقسَّمه عن بَوَاءٍ - يقول على السواء" يفسر الراوى البواءَ بالسواءِ، فكان ذلك تقوى الله وطاعة رسوله وإصلاح ذات البين.
وعن عطاء: كان الإِصلاح بينهم أن دعاهم وقال: اقسموا غنائِمكم بالعدل فقالوا: قد أَكلنا وأَنفقنا فقال: لِيَرُدَّ بعضُكم على بعضَ، ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾: أَي إِن كنتم مؤْمنين، فاتقوا الله، وأَصلحوا ذات بينكم وأَطيعوا الله، ورسوله، فإن كمال الإِيمان يدور على امتثال هذه الأَوامر.
ولأَهمية إصلاح ذات البين، وكمال العناية به وسط الأَمر به، بيْن الأَمر بالتقوى والأَمر بطاعة الله ورسوله. وفي التعبير بقوله تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ تنشيط للمخاطبين، وحث لهم على المسارعة إِلى الامتثال.