للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَو ائتنا بعذاب شديد الإِيلام غير إِنزال الحجارة، ليكون ذلك برهانا لنا على أَنه من عندك، أَو ليكون عقوبة لنا على إنكاره ولو كان هؤلاء طلاب حق لطلبوا الهداية إِليه، بدل طلبهم إِنزال العذاب بهم، ولكنه العناد والتكبر على حق جاءَ به سواهم، وإسناد القول إليهم جميعًا مع أن القائل أحدهم، لموافقتهم على ما قال:

٣٣ - ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾:

جاءَت هذه الآية لبيان السبب في إِمهالهم وعدم التعجيل بعقوبتهم استجابة لدعائهم والمعنى:

وما كان الله ليستأصلهم بالعذاب الذي طلبوه وأَنت بينهم، فقد أَكرمهم الله برسالتك فيهم، فمنع عنهم عذاب الاستئصال الذي كان ينزل بمن قبلهم لكفرهم برسلهم.

والمقصود من الآية الكريمة الإِخبار بأَن تعذيب قريش بعذاب الاستئصال - والنبى بين أَظهرهم - غير مستقيم في حكم الله وقضائه.

﴿وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾:

أَي وما استقام في حكمنا وقضائنا أيضًا أن يعذبهم الله وفيهم من يستغفره، وإِسناده الاستغفار إِلى جميعهم، مع أَنه صادر من المؤمنين وحدهم، لأَنهم موجودون بينهم.

وعن ابن عباس أَن المراد بالاستغفار استغفار من سيؤمن بعد: والمقصود من كلام ابن عباس أَن السبب الثاني لعدم تعذيبهم، هو أَن الله ادخر لهم الإِيمان، وأَنهم سوف يستغفرون الله تعالى بعده، وقد حدث ذلك عام فتح مكة.

٣٤ - ﴿وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾:

وأَى سبب لهم يقتضي أَن لا يعذبهم الله، وهم يصدون المؤمنين عن المسجد الحرام، ويمنعونهم منه حقيقة كما كان ذلك عام الحديبية، أَو حكمًا كما فعلوا برسول الله وأَصحابه، حتى أَلجئوهم إِلى الهجرة، وحرموهم بذلك من المسجد الحرام، ولكن الله تعالى إِنما حماهم من عذاب الاستئصال لوجود الرسول فيهم، واستغفار المؤمنين منهم، ولولا ذلك لاستحقوا العذاب لصدهم عن بيت الله وعن دينه.