المعنى: ذلك العذاب الذي نزل وينزل بهم، بسبب أَنهم غيَّروا وبدَّلوا نعمة الله عليهم كفرا، فقابلوا الأَمن والعافية والسَّعة بالكفر والصدِّ عن سبيل الله، فبدَّل الله نعيمهم عذابا، والله لا يغيِّر نعمةً أَنعمها على قوم بنقمة، إلاَّ لأَنهم بدَّلوا نعمة الله عليهم كفرا، فوضعوه مكان الشكر.
﴿وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾: أَي ذلك الجزاءُ على كفرهم بسبب تبديلهم نعمة الله كفرا، وبسبب أَنَّ الله قوى السَّمع لِمَا يقولون محيط علمًا بما يعملون.
قارئُ هذه الآية يظن أَنها مكررة مع مثيلتها السابقة، والذي يبدو لنا أَنها لا تكرار فيها، فقد جاءَت الآية السابقة لبيان أَن عادة هؤلاءِ وأُولئك الكفر، أَما هذه الآية فقد أَفادت أَن الله تعالى غيَّر نعمته عليهم لأَنهم لم يغيِّروا ما هم فيه من التكذيب، بدليل قوله تعالى قبل هذه الآية: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾. فكأَنه قال عقبها: كدأَب آل فرعون. غير الله نعمته عليهم لمداومتهم التكذيب بآيات الله فأَهلكهم وانتقم منهم، فقوله تعالى في الآية الأُولى: ﴿كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ﴾ تفسير لدأْبهم الذي فعلوه من تغييرهم لحالهم، وقوله سبحانه في الآية الثانية: ﴿فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ﴾ تفسير لدأْبهم الذي فُعِل بهم، من تغييره - تعالى - ما بهم من نعمته بإِهلاكهم، وأَما دأْب قريش في العقوبة، فمستفاد من تشبيههم بآل فرعون، والمقصود جنس العقوبة لا نوعها، فإن آل فرعون أُهلكوا بالإِغراق، أَما قريش فقد أُنذروا بعقوبة مطلقة، ويرى بعض المفسرين: أَنها مؤكدة ومقررة لِما أَفادته مثيلتها السابقة.