يقول الله سبحانه وإِن يريدوا أَن يخدعوك بجنوحهم إِلى السلم ظَاهرًا، فلا تخف من إِبطانهم المكر والخديعة، فإِن الله كافيك وعاصمك من مكرهم وخديعتهم، ومن تولى الله كفايته وحفظه لا يضره شيء.
أَي هو الذي قضى بأَن يؤيدك بنصره في حربك معهم، ويؤيدك بالمؤمنين من الأَنصار والمهاجرين ونفَّذَ ما قضى به وحقَّقَه.
٦٣ - ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ﴾:
إِذ أَلف بين قلوب الأَوس والخزرج من الأَنصار، وقد كانت الحرب سجالا بينهما فكان تأْليف قلوبهم وجمعها من آيات الله الكبرى. كما أَلف بالإِيمان بين قلوب المؤمنين من الأَنصار والمهاجرين، وجعلهم حربًا على أَعدائك، حتى قاتَل الرجل أَباه وأَخاه بسبب الدين، ثم بين عظم هذه الآية فقال:
أَي: لو جمعت يا محمَّد ما في الأَرض من مال وأَنفقته في سبيل جمع قلوبهم على كلمة واحدة، ما ألفت بينهم ولكن الله أَلف بينهم بفضله وكرمه، لأَن قلوبهم بين يديه يقلبها كيف يشاء، فلذا نزع ما في قلوبهم من غل وحقد، وملأَها حبًّا ورحمة ومودة وعطفًا، فأَصبحوا بنعمة الله إِخوانًا.
﴿إِنَّهُ عَزِيزٌ﴾ غالب لا يعجزه أمرٌ أَراده.
﴿حَكِيمٌ﴾ لا يخرج شيء عن حكمته، وإِذا كان الله تعالى قد أَكرمك؛ بالنصر في بدر وتأْليف قلوب المؤمنين، فلا تخف من خديعتهم لك إِن جنحت لمسالمتهم بعد أَن يجنحوا لها، فإِنه تعالى سيحفظك من مكرهم وخداعهم.
ثم نزل في بدر بالبيداء قبل بدء القتال في غزوة بدر.