بعد أَن بين الله فيما سبق ما يستوجب قتال المشركين، ووبخ على التراخى فيه، وتوعد على تركه، أَتبعه الأَمر بقتالهم والتبشير بالنصر عليهم في هذه الآية.
والمعنى: قاتلوا المشركين، ولا تخافوهم واحرصوا على النصر، فإِنكم إِن صدقتم في القتال: ﴿يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ﴾: قتلا. ﴿وَيُخْزِهِمْ﴾: أَسْرًا ﴿وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ﴾: عاقبة ﴿وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ﴾: موتورين من هؤلاءِ المشركين.
وقيل المراد من القوم المؤمنين هنا؛ بطون من اليمن وسبإِ. قدموا مكة فأَسلموا فلقوا من أَهلها أَذى كثيرا، فبعثوا إِلى رسول الله ﷺ يشكون إِليه فقال ﷺ"أَبشروا فإِن الفرج قريب" وعزى هذا القول لابن عباس.
وقيل هم خزاعة فإِن قريشًا أَعانت بني بكر عليهم، وكانت خزاعة حلفاءَ النبي ﷺ، فأَنشد رجل من بني بكر هجاءَ رسول الله ﷺ، فقال له رجل من خزاعة لئن أَعدته لأَكسرن فمك، فأَعاده فكسر فاه وثار بينهم قتال: فقتلوا من الخزاعيين أَقوامًا، فخرج عمرو بن سالم الخزاعى في نفر إِلى النبي ﷺ وأَخبره بما حدث، فدخل منزل ميمونة وقال:"اسكبوا إِليَّ ماءً" فجعل يغتسل وهو يقول: "لا نُصِرت إِن لم أَنْصُر بني كعب" ثم أَمر رسول الله ﷺ بالتجهز والخروج إِلى مكة فكان الفتح.
ونسب هذا القول إِلى مجاهد - ولكن العبرة بعموم اللفظ، فقد فعل المشركون مع المؤمنين بمكة منذ أَول الدعوة الإِسلامية حتى الفتح، ما يقتضي الثأْر منهم للمؤمنين.
١٥ - ﴿وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾: أَي ويذهب الله بنصركم على المشركين غيظ قلوبكم أَيها المؤمنون بسبب ما نالكم منهم من متاعب ومشاق، وقد أَنجز الله سبحانه جميع ما وعدهم به على أَحسن الوجوه، فكان إِخبار النبي ﷺ بذلك قبل وقوعه معجزة عظيمة له.
﴿وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ﴾: هذا كلام مستأْنف يُنبِئُ عما سيكون من إِيمان بعض