من الغنائم كما روته السنن، وفي هذه الغزوة قال النبي ﷺ"من قتل قتيلا له عليه بيِّنة فله سلَبهُ" وجرح خالد بن الوليد في هذه الغزوة جراحات بالغة، وأَسلم ناس كثيرون من مشركى مكة، لما رأَوه من عناية الله بالمسلمين.
والذي حدث في هذه الغزوة كان درسا استفاد منه المسلمون، فإِن الأَخلاط من حديثى العهد بالإِسلام والمشركين والأعراب، كانوا من أَسباب الهزيمة فيها أَول الأَمر، فلذا ينبغي أَن لا يكون في جيش المسلمين مَنْ لم يخالط الإِسلام دمه، ويثبت في أَعماق نفسه.
أَي ثم يوفق الله من بعد تلك الغزوة من يشاءُ من هؤلاءِ ومن غيرهم، ليتوب من تركه ويؤمن بالله ورسوله.
﴿وَاللهُ غَفُورٌ﴾: يتجاوز عما سلف من الكفر والمعاصي بقبول توبتهم.
﴿رَحِيمٌ﴾: فيتفضل بقبول توبتهم.
لما قسم رسول الله ﷺ غنائم حنين بالجعرانة، أَتاه وفد هوازن مسلمين، راغبين في عطفه عليهم، وقالوا: يا رسول الله إِنك خير الناس وأَبَرُّ النَّاس، قد أَخذت أَبناءَنا ونساءَنا وأَموالنا، فقال لهم: إِنى قد استأْنيت بكم، وقد وَقَعت الْمَقَاسِمُ وعندى من ترون، وإِنَّ خَيْرَ القول أَصدقُه، فاختاروا إِمَّا ذراريكم وإِمَّا أَموالكم فقالوا: لا نعدل بالأَنساب شيئًا، فقام خطيبا وقال:"هؤلاءِ جاءُونا مسلمين وخيَّرناهم، فلم يعدلوا بالأَنساب، فَرَضُوا بِرَدِّ الذرية، وما كان لي ولبنى عبد المطلب فهو لهم، وقال المهاجرون والأَنصار، أَمّا ما كان لنا فهو لرسول الله ﷺ وامتنع الأَقرع ابن حابس وعيينة بن حصن في قومهما من أَن يردُّوا عليهم شيئًا ممَّا وقع لهم في سهامهم، وامتنع العباس بن مِرداس السُّلَمىُّ كذلك، وطمع أَن يساعده قومه، كما ساعد الأَقرعَ وعُيينةَ قومُهُمَا، فقالوا ما كان لنا فهو لرسول الله ﷺ ولم يؤيدوه، فقال ﷺ: "من ضَنَّ منكم بما في يديه فإِنا نعوضه منه" فرد عليهم رسول الله ﷺ نساءَهم وأَولادهم، وعوَّض مَنْ لم تَطِبْ نفسُه بترك نصيبه أَعْوَاضًا رضوا بها.