زادوا في عدد الشهور، بأَن يجعلوها ثلاثة عشر أَو أَربعة عشر، ليتسع لهم الوقت ويجعلوا أَربعة أَشهر من السنة حرما كما يريدون، ولذلك نص على العدد المعين في كتاب الله حتى يتركوا ما هم عليه.
والمعنى: إِنما تأْخير حرمة شهر إِلى شهر آخر زيادة في الكفر، لما فيه من تحليل ما حرمه الله وتحريم ما أَحله الله، فهو كفر آخر مضموم إِلى كفرهم، يُضَلُّ به المرءوسون الذين كفروا من رؤسائهم، حيث يأْتمرون في التحريم والتحليل بأَمرهم.
أَي: يحلون الشهر الحرام عاما ويجعلون مكانه في التحريم شهرا حلالًا، ويحافظون على حرمته كما كان في شرع إِبراهيم عاما آخر، إِذا لم يتعلق بتغييره غرض من أغراضهم، يفعلون ذلك لكي يوافقوا عدد ما حرَّم الله كل من الأَشهر الحرم، وهو أَربعة أَشهر، فينتهى أَمرهم فيما فعلوا إِلى أَن يحلوا ما حرم الله، وهو تغيير حكم الشهور من حرمة إلى حل، ومن حل إِلى حرمة.
أَي جُعِلت لهم أَعمالهُم السيئة حسنة، بأَن زينها لهم رؤساؤهم وشياطينهم، فعدوها حسنة مع أَنها قبيحة، لمخالفتها أَحكام الله تعالى والله لا يهدى القوم المصرين على كفرهم.
قيل أَول من أَحدث النسئ جنادة بن عوف الكنانى، وكان مطاعا في الجاهلية كان يقوم على جبل في الموسم فينادى بأَعلى صوته: إِن آلهتكم قد أَحلت لكم المحرم فأَحلوه، ثم يقوم في العام القابل فيقول: إِن آلهتكم قد حرمت عليكم المحرم فحرموه، وقيل غير ذلك.