للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولكنهم لم يريدوه لأَن الله - تعالى - كره انبعاثهم ونهوضهم للخروج معكم، لما فيه من المفاسد التي سيأْتى بيانها، فلذلك ثبطهم وحبسهم عن الخروج، بما استقر في نفوسهم من الجبن والكسل وكراهة الغزو في سبيل الله.

﴿وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾:

يحتمل أَن يكون هذا القول من رسول الله قاله لهم للإِذن بالتخلف بعد اعتذارهم، وهو يحمل في طيات عبارته اللوم والذم، وكأَنه يقول لهم: اقعدوا مع القاعدين بعذر أَو بغير عذر، فأَنتم لا تستحقون شرف الجهاد في سبيل الله والثواب المترتب عليه.

ويحتمل أَن تكون العبارة من قول بعضهم لبعض متأَثرين بجبنهم الكامن في نفوسهم، وكراهيتهم للدفاع عن الإِسلام قالوها تنفيذًا لتثبيط الله لهم.

والمعنى على هذا: وقال بعضهم لبعض: اقعدوا عن الخروج في هذه الغزوة مع القاعدين، فلا مصلحة لنا فيها، ولا يهمنا الغرض الذي خرج الغزاة من أَجله، وقيل: غير ذلك وحسب القارئُ ما تقدم.

٤٧ - ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا﴾:

أَي لو خرج هؤُلاءِ المنافقون فيكم وأَنتم ذاهبون إِلى تبوك، ما زادوكم بخروجهم إِلا شرًّا وفسادًا، ولم يزيدوكم قوة وتأْييدًا، فهم دعاة فتنة وليسوا أَسباب قوة.

﴿وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾:

هذا تصوير للخبال والفساد الذي كان ينتظر من المنافقين لو خرجوا في غزوة تبوك. بجعلهم كالذين يسرعون بركائبهم خلالهم، مبالغة في إِسراعهم بالنميمة والوشاية بينهم.

والمعنى: لو خرجوا فيكم لأَسرعوا بركائبهم بينكم، يسعون بالنمائم والوشايات وإِفساد الصلات، رغبة في توهين عزائمكم، وصرفكم عن الجهاد أَو هزيمتكم، وفيكم ضعاف خفاف يتأَثرون ويهتمون بسماعهم ونقل نمائمهم، والله عليم بهؤلاءِ الظالمين فهو محيط - بضمائرهم وظواهرهم، وما فعلوه فيما مضى وما سيفعلونه فيما سيأْتى.