للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَي ومن المنافقين جماعة يؤْذون النبي بتعييبه والطعن في رسالته فيما بينهم، ويزيدون في تعييبه وتنقيصه أَن يسموه فيما بينهم أُذنًا، يريدون بذلك أَنه يسمع كل كلام يلقى إِليه ويقتنع به ويصدقه.

فأَمر الله رسوله أَن يقول لهم: ﴿هُوَ أُذُنٌ﴾ كما تقولون ولكن لا من الجهة التي تذمونه بها وهي سماعه كل ما يقال، بل من حيث إِنه كثير الاستماع إِلى الخير والحق يقبله ويعمل به.

ثم بين القرآن الكريم كونه أَذن خير بقوله:

﴿يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾: أَي يصدق باللهِ الذي لا يشك فيه عاقل، ويصدق المؤْمنين ويُسَلِّمُ لَهُمْ، لظهور إِخلاص نياتهم واطمئنان قلوبهم.

وكان إِيمانه باللهِ واطمئنانه إِلى المؤمنين خيرًا للمخاطبين ولسائر العالمين، لأَنه الإِمام الداعى إِلى التوحيد وإِلى كل خير.

﴿وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾: أَي وهو رحمة للذين أَظهروا الإِيمان منكم، إِذ قبله لا تصديقًا لهم، بل رفقا بهم، فلم يهتك لهم سترا، ولم يكشف لهم سرًّا، بل أَحسن إِليهم وتجاوز عن سيئاتهم، رجاءَ أَن يتوبوا من نفاقهم، ويخلصوا الإِيمان لربهم.

﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ﴾ بتهوين شأْنه والانتقاص من قدره بما قالوا. ﴿لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾: شديد الإِيلام بسبب إِيذائه.

والإِخبار في نهاية الآية عن شدة عذاب الذين يؤْذون رسول الله للتهديد والوعيد على إِيذائه، وفي ذكره بوصف كونه رسول الله تعالى إِعظام لشأْنه وإِجلال لقدره، وتنبيه على أَن إِيذاءَه موجب لسخط الله تعالى.

وكان المنافقون يتحدثون بما يؤْذى رسول الله ، ويعيبه وينتقص من قدره، ثم يجيئون إِلى المؤمنين وينكرون ذلك ويؤكدون إِنكارهم بالإِيمان ليرضوا عنهم، فبين القرآن الكريم أَنهم كاذبون في إِنكارهم بقوله تعالى: