والمعنى: ولا تصل أَيها النبي أبدًا على من مات من المنافقين ولا تدع له في أَي وقت كان.
﴿وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾: أَي ولا تقف عند قبره لدفنه، ولا تذهب لزيارته والدعاءِ له، لأَنهم جحدوا وحدانية الله تعالى وكذبوا رسوله، وأَنكروا شريعته وانتهت حياتهم بالموت، وهم خارجون عن الإِيمان وطاعة الرحمن.
أَي لا تنل إِعجابك وتقديرك أَيها العاقل أَموالُ المنافقين الكثيرة، ولا أَولادهم الذين يعتزون بهم، ولا تحسبن ذلكِ إِكراما لهم، فقد جعله الله استدراجا لهم ووبالا عليهم.
﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا في الدُّنْيَا﴾: أَي إِنما قدر تعذيبهم بهذه الأَموال والأَولاد في الدنيا، بسبب ما يقاسونه في جمعها وحفظها من المتاعب، وفي رعاية الأَولاد من المشاق والصعاب.
﴿وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ﴾: أَي وتخرج أَرواحهم من أَبدانهم عند انتهاءِ آجالهم بشدة وصعوبة، والحال أَنَّهم كارهون للموت، لتعلقهم بالدنيا وزينتها، والاشتغال بذلك عن الإِيمان بالله والعمل للدار الآخرة، فكان ذلك نقمة لا نعمة.
وقدمت الأَموال على الأَولاد في هذه الآية وفي آيات أَخرى مع أَن الأَولاد أَعزّ لحاجة كل فرد إِلى المال في كل وقت وزمان، بخلاف الولد فلا يطلب إِلا بعد بلوغ مبلغ الأُبُوَّة.
أَي وإِذا أنزل الله تعالى على رسوله ﷺ سورة من القرآن، يأْمرهم فيها بالإِيمان بالله والتصديق بوحدانيته، ويدعوهم إِلى الجهاد مع رسوله ﷺ إِعزازا لدين الله وإِعلاءً لكلمته.
﴿اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾: أَي طلب منك أَيها النبي أَصحاب الغنى والسعة والقدرة على الجهاد بأَنفسهم وأموالهم، - طلب منك هؤُلاءِ - أَن تأْذن لهم في التخلف عنه وقالوا اتركنا يا محمَّد نقعد مع الذين قعدوا في المدينة، لأَعذار تخلفوا بسببها.