فالسابقون الأولون من المهاجرين هم الذين بادروا بالإسلام في فجر الدعوة، ثم هاجروا فرارًا بدينهم، أَما السابقون الأَولون من الأَنصار فهم أَهل بيعة العقبة الأُولى والثانية والذين سارعوا إلى الإسلام عند قدوم مصعب بن عمير، وكان الرسول قد أَرسله بعد البيعة الثانية لينشر الدعوة الإسلامية بين أَهل المدينة وقيل السابقون من المهاجرين والأَنصار هم الذين صلُّوا إلى القبلتين أَو من حضر بيعة الرضوان.
﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ﴾:
أَي والذين جاءُوا بعدهم متصفين بالإخلاص وبكل خصلة حسنة، أَو المراد والذين اتبعوهم بالإيمان والطاعة من فريقي المهاجرين والأَنصار وغيرهم إلى يوم القيامة.
وقرئَ الأَنصار بالرفع فعلى هذا فالسابقون الأَولون من المهاجرين فقط، والتابعون عند علماءِ الحديث هم الذين جاءُوا بعد الصحابة رضوان الله عليهم أَجمعين ثم أَخبر الله عن الجميع بقوله:
﴿﵃﴾: بقبول طاعتهم، وارتضاءِ أَعمالهم.
﴿وَرَضُوا عَنْهُ﴾: بما أَنعم الله به عليهم من النصر والتمكين في الأَرض في الدنيا، والثواب الجزيل في الآخرة.
أَي وهيأَ لهم في الآخرة جنات تجرى من تحت قصورها أَو من تحت أَشجارها الأَنهار، مع الإِقامة الدائمة فيها، كما قال تعالى:"وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ".
﴿ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾:
أي ذلك الجزاءُ الذي بلغ الغاية في العظم هو الفوز الذي لا فوز يَعدله أو يدانيه، ولهذا قال ﷺ فيما رواه أَبو سعيد الخدرى:"لا تسُبُّوا أَصحابِى فَلَوْ أَنَّ أَحَدكم أَنْفق مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلغ مُدَّ أَحَدِهِمْ ولا نصِيفهُ" أَخرجه الشيخان وغيرهما.