قال أهل المعانى: - لا يجوز أن يشترى الله شيئًا هو له في الحقيقة، لأَن المشترى إِنما يشترى ما لا يملك، والأَشياء كلها ملك لله تعالى. ولهذا قال الحسن: أَنفسنا هو خلقها وأَموالنا هو إِياها، لكن جرى ذلك مجرى التلطف في الدعوة إلى الطاعة، والجهاد وذلك لأَن المؤمن إذا قاتل في سبيل الله حتى يقتل، أَو أَنفق ماله في سبيل الله عوضه الجنة في الآخرة جزاءً لما فعل في الدنيا، فجعل ذلك استبدالا واشتراءً - فهذا معنى أَنه تعالى اشترى من المؤمنين أَنفسهم وأَمواله … الخ.
أَي يقاتلون أعداءَ الإِسلام، في سبيل دين الله ورفع كلمته، فيقتلون بعضهم تارة، ويكفون أَذَاهم عن المسلمين ويَقتَلُون منهم تارة أُخرى، راضين ببذل النفس في سبيل الله ربهم.
يعنى أَن وعد الله للمجاهدين بأَن لهم الجنَّةَ، هو وعد حق ثابت في التوراة والإِنجيل وفيه دليل على أَن الجهاد موجود في جميع الشرائع، ومكتوب على الجميع الملل السماوية.
(وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ):
أَي لا أَحد أَعظم وفاءً بالعهد من الله تعالى، لأَن خلف الوعد لا يقدم عليه الكرام من الناس، فكيف بالله الغنى الذي لا تفنى خزائنه، وهو أَكرم من كل كريم. وهو المتصف بالكمال المطلق، "وَمن أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثًا" والمتأَمل لا يرى ترغيبا في الجهاد أَحسن ولا أَبلغ من هذه الآية الكريمة.