للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السور التي قبلها والسور التى تليها، ومنهم من قال غير ذلك: وخير ما قالوه: إنها أَسماءُ حروف عربية جعلت في صدر السور لتنبيه الأسماع والقلوب إِلى ما فيها من أعظم أَساليب البلاغة والفصاحة وما اشتملت عليه من التشريعات الحكيمة وأَخبار الغيب ونواميس الأخلاق الكريمة، وغير ذلك من الروائع الناطقة بإعجاز القرآن للبشر وصدوره عن الله كما أن فيها الرمز إِلى التحدى، بالإشارة إلى أن القرآن مؤلف من جنس ما ينظم العرب منه كلامهم، فإذا عجزوا عن الإتيان بمثله، وجب التسليم بأنه من عند الله وأن محمدا لايستطيع أن يأْتى به فهو فوق مستوى البشرية جميعًا كما هو فوق مقدرة الإِنس والجن مجتمعين ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾.

﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾:

هذه الآيات الرفيعة الشأْن، التي اشتملت عليها هذه السورة الكريمة هي آيات القرآن العظيم الذي أُحكمت آياته، واشتمل على ضروب الحكمة وشتي فنونها فهو خاتمة الكتب السماوية والمهيمن عليها.

٢ - ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ ..... ﴾ الآية.

كان للمشركين في شأْن الرسالة مواقف، فتارة بنكرون أن يكون الرسول بشرا، كقولهم ﴿أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا﴾ ويرون أنه تعالى لو أَراد أن يرسل رسولًا فإنه يختاره من الملائكة، وذلك ما حكاه الله عنهم بقوله: ﴿لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً﴾ روى عن ابن عباس في سبب نزول هذه الآية: أَن الكفار قالوا لما بعث محمد: إن الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا.

وتارة يزعمون أن الله لو أَرسل رسولًا من البشر، فإنه يرسله من عظماء قومه في المال والجاه، كما حكى الله عنهم ذلك بقوله: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ (١) ومن أَقبح ما جهلوا به في هذا الشأْن قولهم الْعجب أن الله تعالى لم يجد رسولًا يرسله إِلى الناس إِلا يتيم أبي طالب، وتلك النظرة الجاهلة ناشئة عن فرط


(١) آية ٣١ من سورة الزخرف.