وقد جرى عرف الشرع على إطلاق الدعاءِ على التهليل والتحميد والتمجيد والتسبيح ومن ذلك قوله ﷺ:"أكْثر دعائى ودُعَاء الأَنبيَاءِ قَبْلى بِعَرفات: لَا إِله إِلَا الله وَحْدهُ لا شَريكَ لهُ، لَه الملْك ولَه الحَمد، وهُوَ علىَ كلِّ شَئٍ قَدير"، وفي تعليل ذلك يقول ابن الأثير:
إنما سمي التهليل والتحميد والتمجيد دعاء، لأنه بمنزلته في استيجاب ثواب الله تعالى وجزائه.
وفي الحديث:"إذا شَغَل عَبْدى ثَنَاؤُه علىَّ من مسْأَلتى، أَعطَيتُه أفضَل ما أُعطى السَّائِلينَ".
﴿وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾:
وما يُحيَّونَ به في الجنة لفظ السلام الدال على الأمن والطمأْنينة والسلامة من كل مكروه.
وهذا السلام يقوله الله تعالى لهم، كما قال تعالى: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ ويقوله بعضهم لبعض، ويقوله الملائكة لهم توكيدًا لمعانى الأَمن والسلامة والطمانينة دائمًا.
أي وآخر دعائهم وذكرهم لربهم أنهم يقولون الحمد لله رب العالمين، ويُرَى من الترتيب الذكرى في الآية الكريمة أنه حكاية للترتيب الوقوعى في الجنة، وذلك أَن أهلها من المؤمنين حين يشرعون في الدعاء يسبحون الله تعالى وينزهونه فيقابلون بالسلام، وهو دعاء بالسلامة من كل مكروه تقوله الملائكة لهم، ويقوله الله تعالى لا دعاء بل طَمْأنَةً وتحيه لهم منه جل وعلا، ثم يختمون دعاءهم بالحمد لله رب العالمين، وهكذا يستمر شأنهم بكرة وعشيًّا كما يشير إليه حديث في وصف أَهل الجنة "يُسَبحُونَ الله بُكْرَةً وَعشِيًّا" أي يسبحونه تعالى من آن لآخر.