وثالثها: أَنه هدى، فهو هادٍ إلى طريق الحق واليقين، بالإِرشاد إِلى أَدلته، فكأنه نفس الهدى.
رابعها: أَنه رحمة للمؤمنين، فقد نجوا به من ظلمات الكفر والضلال إِلى نور الإِيمان وانتقلوا به من استحقاق العذاب أَيام كفرهم، إِلى استحقاق النعيم المقيم بسبب إِيمانهم.
والمعنى: قل يا محمد: أَيها الناس قد جاءَكم القرآن واعظًا لكم وشافيًا لصدوركم وهاديًا لقلوبكم، ورحمة للمؤمنين منكم، وهذا كله بفضل الله - تعالى - وبرحمته، فبذلك وحده فليفرح الناس جميعًا، فإِنه خير وأَبقى مما يجمعون من متاع الدينا، فهو زاد الآخرة الذي ليس له فناء، أَمَّا الدنيا ومتاعها فإلى زوال وإلى هباءٍ.
هذا: وقده قرئ: ﴿فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ بأُسلوب الخطاب وبهذه القراءَة وافقت الآية أُسلوب الخطاب الذي جرى في الآية قبلها (١).
(١) يلاحظ أن قراءة حفص التي نقرأ بها (فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) جاءت بأسلوب الغيبة على طريق الالتفات من الخطاب في الآية السابقة إلى الغيبة هنا، وهو لون من ألوان البلاغة في التعبير، أما قراءة (فلتفرحوا هو خير مما تجمعون) بأسلوب الخطاب فقد جاءت علي نسق الخطاب في الآية التي قبلها، فلا التفات فيها.