والمعني: قال الكافررن: اتخذ الله ولدا وجعله له ابنًا، سبحانه وتنزيهًا له عن ذلك الزعم الباطل، هو الغنى على الإطلاق، فأَى حاجة له إِلى التبنى؟ ثم شرع يفند زعمهم بقوله:
﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾: أي له تعالى كل ما في السموات والأرض خلقًا وملكًا وتصرفًا، وفي جملة ذلك من زعموه له ولدًا، ومن كان كذلك فلا حاجة له إلى ولد، ثم بين أنهم لا حجة لهم فيما زعموا ووبخهم عليه فقال:
﴿إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾: أي ما عندكم من حجة بهذا الزعم، والعاقل لا يعتقد إلا ما قامت عليه الحجة، أَيليق بكم أَن تقولوا على الله الذي له ملك السموات والأرض ما لا تعلمون صدقه، ولا تقوم به حجة، ثم أَمر الله رسوله أن يهددهم على هذا الافتراءِ فقال:
قل أيها الرسول للذين زعموا أَن الله اتخذ ولد، مبينًا لهم سوءَ عاقبتهم، ووخامة منقلبهم: إن الذين يختلفون على الله الكذب بمثل مزاعمكم المستحيلة لا يفلحون، فلا هم ينجون من مكروه ولا هم يفوزون بمطلوب، فالنار مثواهم، والجنة حرام عليهم، وإلى هذا المصير يشير قوله تعالى:
أَي لهؤُلاءِ المفترين على الله تمتع قليل في الدنيا، فإنهم إليه راجعون مهما طال مكثهم فيها ثم يذيقهم العذاب الشديد بسبب كفرهم الذي أصروا عليه في دنياهم.