والمعنى: فإن أعرضتم عن نصيحتى وتذكيرى لكم، بعد ما بينته من أننى لا أخاف من أذاكم ولا أذى آلهتكم المزعومة، وأننى في حرز حصين من حماية ربي، فلا سبيل لكم إلى إهلاكى فإن أعرضتم بعد ذلك كله فما سألتكم على وعظى وتذكيرى لكم من أَجر قل أو كثر، حتى يؤدى ذلك إلى توليكم، أو حتى يضرنى توليكم بالحرمان، فما سأَلتكم على التبليغ من أَجر فما أجرى إلا على الله، فلا وجه لإعراضكم عن الحق، وقد أُمرت من الله بأَن أكون من المسلمين أي المستسلمين الخاضعين لحكمه لا أُخالف أَمره ولا أرجو غيره، ولا أدعو إلى عبادة سواه، فدعوا إعراضكم وأسلموا لله وحده كما أسلمت. ولكن قومه لم يستجيبوا له، وأصروا كعادتهم على التكذيب فعاقبهم الله وذلك ما حكاه الله بقوله:
أَى فأَصروا على التكذيب بعد ما أَلزمهم الحجة، وأَوضح لهم الطريق المأْمون، وقضى معهم دهرًا طويلا في النصح والإِرشاد، فنجاه الله تعالى من الغرق بالطوفان الذي عوقب به قومه، ونجى من كان معه في السفينة التي صنعها بأمر الله وإرشاده، وهم الذين آمنوا بربهم واستجابوا له وكانوا عددًا قليلًا وجعل الله هؤُلاءِ المؤمنين من قوم نوح خلائفِ لقومهم المكذبين، وأَغرق الذين كذبوا بآياته تعالى، جزاءً لهم على كفرهم وعنادهم، ثم أَمر الله بالتأمل في عاقبتهم الوخيمة فقال:
والخطاب هنا لكل ذى عقل سديد، والمعنى: فانظر أَيها العاقل وتأَمل لتعرف منه أَن بطش الله بالكافرين شديد لا قبل لأَحد به، وفيه تحذير لمن كذب رسول الله، وتسلية له ﷺ.