للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (١). والمراد من الاستفهام في قوله: ﴿فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ﴾ النفى، أَي لا ينتظر هولاءِ الكفار أَثرا لكفرهم إلا أن يصيبهم ما أصاب الأمم السابقة من عذاب ونكال، والمراد أَن العقاب الشديد سيحل بهم لا محالة، فهم في حكم المنتظرين لهذا العقاب ﴿قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾: قل لهم يا محمد فانتظروا وترقبوا آثار إصراركم على الكفر، فإنى مترقب معكم ما سيصيبكم من عذاب إِن ظللتم مصرين على الكفر والإنكار.

١٠٣ - ﴿ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾:

بعد أن أفادت الآية السابقة أَن الهلاك يحل بالكفار المعاندين، جاءَت هذه الآية تفيد أن الله سبحانه سينجى رسله والذين آمنوا معهم مما أصاب كفار قومهم من عذاب وتنكيل؛ لأن عدالة الله تقتضى ألا يعذب قوما بذنوب آخرين، قال تعالى في قوم هود: ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ (٢). وقال سبحانه في قوم صالح: ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٦٧)(٣).

﴿كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ﴾: أَي كما أنجى الله الأنبياء والمؤْمنين مما أَصاب أَقوامهم، كذلك اقتضت عدالته وصدق وعده، أن ينجى المؤْمنين برسالة محمد مما يتعرض له الكفار المصرون على الكفر والضلال، قال تعالى: ﴿ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ﴾ (٤).


(١) سورة العنكبوت، الآية: ٤٠
(٢) سورة هود، الآية: ٥٨
(٣) سورة هود، الآية: ٦٦، ٦٧
(٤) سورة الأنبياء، الآية: ٩