للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مَا زَاد ذَلك فِى مُلكِى شَيئًا .. يا عبادى لو أن أَوَّلكم وآخِرَكم وإنْسكُم وجِنَّكُم كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قلبِ رَجُلٍ واحِدٍ مِنْكُم، مَا نَقَص ذَلِك مِنْ مُلكِى شيئًا" (١). فالله - سبحانه - غنى عن الناس، والناس جميعًا مفتقرون إِلى رحمته، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (٢).

﴿وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾:

وقل لهم أَيها الرسول: إن الذي كُلِّفتُ به هو أداء، رسالة الله إليكم. وقد أَديتها كاملة ولم يوكل إِلىّ إرغامكم علي اتباعها؛ لأننى لست عليكم بمسيطر. كما قال تعالى:

﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ (٣).

١٠٩ - ﴿وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾:

بعد أَن أمر الله رسوله بتبليغ قومه أنه جاءَهم بالحق من ربهم، وأن عاقبة الاهتداءِ إِليه والضلال عنه لا تلحق سواهم، وأَنه ليس مكلفًا بقهرهم على الاهتداءِ، أمره في هذه الآية بالثبات على اتباع وحيه، والصبر حتى يأْتى النصر.

والمعنى: دم على ما أنت عليه من اتباع وحى الله - تعالى - ولا تدخل اليأْس على نفسك بسبب إصرارهم على كفرهم، واصبر على ما تتعرض له من إِيذاءِ المشركين وعنتهم وإِمعانهم في الضلال، حتى يقضى الله تعالى فيهم قضاءَه، وينفذ فيهم مشيئته وحكمه، فإنه أَعدل الحاكمين.

وقد نفذ الرسول ما أَمره الله به من ملازمة الاتباع، ومداومة الصبر، وصبر معه المؤمنون وتحملوا أَذى المشركين، حتى صدق الله وعده وأعز جنده، وهزم المشركين وحده، وجاءَ نصر الله والفتح، ودخل الناس في دين الله أَفواجًا، والحمد لله رب العالمين.


(١) رواه أبو ذر الغفارى والحديث طويل وهذا جزء منه.
(٢) سورة فاطر الآية: ١٥
(٣) الغاشية الآيتين: ٢١، ٢٢