فبعد كل هذا لن أُفارق أَرض مصر حتى يأَذن لي أَبي بالعودة إِليه، أَو يحكم الله لي بالخروج منها على وجه لا يؤدى إِلى نقض الميثاق، أَو بخلاص أَخى بسبب من الأسباب (وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ): لأنه لا يحكم إِلا بالحق العدل.
أَي عودوا إِلى والدكم يعقوب فحدثوه بما وقع، قولوا له يا أَبانا إن ابنك بنيامين سرق صواع الملك ووضعه في رحله، فأَخذه وزير العزيز طبقا لشريعتنا وكان قد استفتانا قبل أَن نعلم الأَمور ويَبِينَ لنا الحال، وما شهدنا عليه بالسرقة إِلا بما علمناه من وجود الصواع في رحله، وما كنا لما غاب من أَمره عالمين، فلذا أعطيناك المواثيق فاعذرنا، فإن الذنب ليس ذنبنا.
ثمَّ أَشار عليهم بما ظن أنه يحمل أباهم على التصديق فقال:
أَي وأَرسل إلى أَهل مصر المتصلين بالملك حيث كُنَّا معهم فيها واسألهم عن ذلك، واسأَل القافلة التي كُنَّا فيها، فإِن القصة شائعة فيهم ومعروفة لديهم، ثم ختم الكبير كلامه لإِخوته بجملة يوكدون لأَبيهم بها أَنهم صادقون فقال:(وَإِنَّا لَصَادِقُونَ): فلا نخاف سؤالهم - قيل إِن أَصحاب العير كانوا من الكنعانيين، وكانوا جيران يعقوب ﵇.