للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومسكنتهم، لا معاتبةً لهم وتثريبًا (١). . . إيثارًا لحق الله تعالى على حق نفسه فى ذلك المقام الذى يتنفس فيه المكروب ويتشفى فيه المغيظ المحنق. فلله تعالى هذا الخلق النبوى الكريم

٩٠ - (قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي. . .) الآية.

هذا استفهام تقريرى ولذا أكَّدوه بإِن واللام. قالوه استغرابًا وتعجبًا وفرحًا بنجاح تحسسهم الذى وصاهم أَبوهم به.

(قَالَ أَنَا يُوسُفُ): جوابًا عن مسأَلتهم وقد زاد عليه قوله:

(وَهَذَا أَخِي):- أى أخي من أَبوىَّ- مبالغة فى تعريفهم بنفسه. وتفخيمًا لشأن أخيه؛ وتحدُّثًا بنعمة الله عليهما قال:

(قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا): بالخلاص مما ابتلينا به والاجتماع بعد الفرقة، والعزة بعد الذلة والأنس بعد الوحشة، ثم علل ذلك بقوله:

(إنَّهُ مَن يَتَّقِ): الله فى جميع أحواله.

(وَيَصْبِرْ): على أداءَ طاعاته وتجنب معاصيه.

(فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ): أى فإن الله لا يضيع أجرهم، وعبر عنهم بالمحسنين، ليشير بذلك إِلى أن أهل التقوى والصبر هم أَهل الإِحسان، وهم الأحقاءُ بجزاءِ الله العظيم وإحسانه ورحمته فى الدنيا والآخرة. قال تعالى: " هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ" (٢). وقال تعالى: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٣).


(١) التثريب: اللوم.
(٢) سورة الرحمن، الآية: ٦٠
(٣) سورة الأعراف، الآية: ٥٦