للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالأَيام التي بعدِه؟! عما عنهم عفوًا لا مؤاخذة معه وهذا هو الصفح الجميل؛ ثم دعا لهم بمغفرة الله تعالى فقال:

(يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ): لأَن كل رحمة من غيره سبحانه وإِن عظمت فهي مستمدة من رحمته.

وفي ختام دعائه بقوله: (وَهُوَ أرحَمُ الرَّاحِمِينَ) إِشارة إلى وثوقه بإِجابة دعائه لأَنه عفا عنهم، فالله أَولى منه بالعفو عنهم والرحمة لهم! والذي أَشرنا إِليه من الوقف على "اليوم" وأَن الجملة بعده دعائية مستأْنفة هو اختيار الطبرىّ وابن إسحاق غيرهم. قال الآلوسى: وهو الذي يميل إِليه الذوق.

ويجوز الوقف على قوله: (لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ): والاستئناف بقوله: (الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ): والمعنى في هذا اليوم العظيم يغفر الله لكم ويرحمكم وهو أَرحم الراحمين. وقد استشهد الرسول في عفوه عن قريش بما حدث من يوسف مع إِخوته. إِذ قال في خطبته يوم الفتح الأَعظم: "يا معشر قريش ما ترون أَني فاعل بكم؟! قالوا خيرًا أَخ كريم وابن أَخ كريم، قال فإِني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: "لا تَثْريبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ، اذهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ".

٩٣ - (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ):

عَلِمَ يوسف بطريق الوحي أَو بسؤال إخوته أَن أَباه فقد بصره أو كاد -فأَمر إِخوته أَن يذهبوا بقميصه الذي كان يلبسه حينئذ فيلقوه على وجه أَبيه فتتم البشارة بعود بصره كما كان أَو أَحسن مما كان، وفي قوله: (وَجْهِ أَبي) دون أَبيكم لطيفة يوسفية لا تخفى على ذى فطنة إِنها تشير فيما تشير إلى أَن الحنان الأَبوى الذي فقدوه في غيبة يوسف سيعود إليهم جميعًا بسببه في لَمِّ الشمل واكتمال الأَهل كما أَشرنا إلى ذلك آنفًا في تفسير قوله تعالى حكايةً عن أَبيهم : "وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَاَ لَا تَعْلَمُونَ".

وقوله: (يَأْتِ بَصِيرًا): جواب الأَمر أي يَصِرْ بصيرًا.