والمعنى: ويطلب منك المشركون يا محمد أن تعجل لهم بالعقوبة التي أنذرتهم بها. لإِصرارهم على الكفر وتكذيب ما جئتهم به من عند الله، وكان عليهم أَن يثوبوا إلى رشدهم ويعدلوا عن شركهم. ويطلبوا من الله ﷾ السلامة والعافية. وما كان ينبغي لهم أَن يؤثروا العقوبة على السلامة، وهم يعلمون مما يشاهدونه حولهم من آثار ما أَنزله الله من العقوبات بالكافرين قبلهم. كما حدث لعاد قوم هود، ولثمود قوم صالح، ولقوم لوط ولغيرهم وإلى ذلك يشير قوله تعالى:
(وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ):
أَي أنهم قد مضت من قبلهم عقوبات الأُمم السابقة التي استأصلهم. فما لهؤلاء لم يعتبروا بتلك الأُمم؟ فيكفوا عن الكفر والتكذيب حتى لا يحل بهم ما حل بمن قبلهم من المكذبين.
ثم عقب الله ﷾ هذه الجملة من الآية الكريمة بما يفتح باب الأَمل للتائبين المستغفرين -ويحذِّر من شدة العقوبة للعصاة المصرِّين فيقول:
أَي أَنه تعالى. صاحب مغفرة عظيمة وستر شامل لمن ظلموا أنفسهم بالذنوب والعاصى. فلا يعجل لهم بالعقوبة، بل يمهلهم ويؤَخرهم لعهم يتوبون ويستغفرون فيغفر لهم.
وكما أنه سبحانه صاحب مغفرة للناس وإن كانوا ظالمين. إن تابوا وأَنابوا؛ فإِنه شديد العقاب لمن أَصر على كفره وعصيانه كما قال تعالى في سورة الحجر:"نَبِّئ عِبَادِى أَنِّي أنا الْغَفُورُ الرحِيمُ * وَأن عَذَابِى هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ". وفي سورة الأَنعام:"فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ". إلى غير ذلك من الآيات التي تجمع بين الرجاءَ والخوف.