أَي أَن الباطل الشبيه بالزبد مهما علا وظهر فإِن مآله إِلى اضمحلال وفناءٍ حيث يرمى به وينبذ كما يذهب الزبد جفاءً.
والجُفاءُ ما أَجفأَه الوادى أَي رمى به وما أَجفأَته القدر إِذا غلت أَي رمت به وصبته وأَما ما ينفع الناس من الماءِ الخالص الصافى، وما خلص من الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص وسائر المعادن فيمكث في الأَرض، فالماءُ يبقى بعضه فوق سطحها لينتفع به ويذهب بعضه الآخر إِلى جوف الأَرض، لينتفع به في العيون والآبار، وأَما المعادن فيصاغ من بعضها أَنواع الحلى ويؤْخذ من بعضها الأَوانى وأَصناف الآلات والأَدوات، فهذا هو المقصود من مكثها في الأَرض.
(كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ):
أَي كهذين المثلين في الوضوح والجلاءِ يضرب الله الأَمثال للناس دائما ليبصرهم بالخير والشر، إِظهارا لكمال العناية بالتوجيه والإِرشاد. ولما بين الله شأْن كل من الحق والباطل شرع يبين حال أَهل كل منهما فقال سبحانه:
أَي للذين استجابوا لله فأَطاعوه، وأَطاعوا رسوله، إِذا دعاهم إِلى الحق بطرق الدعوة المتنوعة ومن بينها ضرب الأَمثال الذي يوصل المعانى إِلى القلوب في يسر وسهولة، لما له من تأْثير بليغ في النفوس لتصويره المعقول بصورة المحسوس، لهؤُلاءِ المهتدين المثوبة الحسنى وهي الجنة كما قال قتادة وغيره. وعن مجاهد أَنها الحياة الحسنى التي لا يشوبها كدر أَصلًا، أَو هي النصر في الدنيا والنعيم المقيم غدًا.