صلوات الله وسلامه عليه وإِن بعث إِلى الناس جميعًا وأَلسنتهم مختلفة فإِرساله بلسان قومه أَولى من إِرساله بلسان غيرهم ليحملوا معه عبءَ الدعوة، ويبينوا الدين لمن كانوا على غير لسانهم، ويترجموه حتى يصير مفهومًا لهم كما فهموه، وعلى هذا فكل من تُرجِمَ له ما جاءَ به النبي ﷺ ترجمة دقيقة يفهمها لزمته الحجة. قال تعالى:"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا". وقال ﷺ:"أُرسل كل نبى إِلى أُمته بِلسانها وأَرسلنى الله إِلى كل أحمر وأَسود من خلقه".
وحيث كانت رسالة الإِسلام عامة لأَهل الأَرض، فيجب على المسلمين أَن يكون فيهم من يعرفون اللغات المختلفة، ليحسنوا تبليغ الدعوة المحمدية التي تركها النبي أَمانة في أَعناقهم جميعًا، وعلى من أَسلم من غير العرب أَن يتعلم اللغة العربية ليحسن فهم الإِسلام من منابعه والعمل بشرائعه.
(فَيُضِلُّ اللهُ مَن يَّشاءُ وَيَهْدِى مَن يَّشَاءُ): أَي فبعد إِرسال الله كل رسول بلسان قومه، لتقوم به حجة الله، يضل من ران على قلبه الغَواية والضلالة بما اجترح من آثام، ويهدى من اتبع سبيل الرشاد، وجانب أُسلوب العناد، فانشرح صدره للإِسلام، واستقام على المنهج السديد بتوفيق الله رب العالمين.
(وَهُوَ الْعَزِيزُ): فلا يغالب في مشيئته. (الحَكِيمُ): العظيم الحكمة فيما أَوجبه على الناس من شريعتة.
٥ - (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ … ) الآية. هذا شروع في تفصيل ما أَجمل في قوله:"وَمَا أرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ".
أَي ولقد أَرسلنا موسى بلسان قومه بني إِسرئيل، وأَيدناه بالآيات المعجزة الدالة على