أي أَلم يأْتكم يا أَهل مكة خبر قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم من الأُمم المكذبة للرسل ممن لا يحصى عددهم ولا يعرف نسبهم إِلا الله ﷿.
(جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ):
أَي جاءوهم بالحجج الواضحات والدلائل الباهرات، وقد بين كل رسول لقومه طريق الهداية والأَمن ودعاهم إِليه، ولكنها لا تعمى الأَبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
(فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ): أَي جعل أُولئك القوم أَيديهم في أَفواههم ليعضوها غيظا مما جاء به الرسل، مقرونا بتسفيه أحلامهم، وشتم أَصنامهما، أو ردوها إِلى أَفواههم مشيرين بها إِلى أَلسنَتِهم وما يصدر عنها من المقالة، لينبهوا الرسل إلى تلقيها منهم وليقنطوهم. من التصديق والإِيمان عن جهتهم، وذلك ما حكماه الله ﷾ عنهم في قولهم:"وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ … " الآية.
وقيل معناه: أَنهم أَشاروا إِلى أفواه الرسل يأمرونهم بالسكوت عنهم، لمَّا دعوهم إِلى الله ﷿، قال أبو عبيدة والأَخفش: هو ضرب مثل أَي لم يؤمنوا ولم يجيبوا، والعرب تقول للرجل إِذا أَمسك عن الجواب وسكت: قَدْ رَدَّ يده في فيه.
أَي أَننا لا نصدقكم فيما جئتم به، وإِنا لَفِى شك قوىٍّ موقع في الريب وعدم الطمأْنينة بسبب ما جِئتم به من التعاليم والشَّرائِع وما تدعوننا إليه من إِيمان وتوحيد.