للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن أَنس قال: (أَتى رسول الله بقِنَاع (طبق) عليه رطب فقال: "مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أَصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتى أُكلها كل حين بإِذن رَبِّهَا"، قال: هي النخلة "وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ": قال هي الحنظلة).

وقيل: هي كل شجرة لا يطيب لها ثمر؛ ضد الشجرة الطيبة وهي التي يطيب ثمرها.

قال الآلوسى تبعا لأَبي السعود: ولعل تغيير الأُسلوب -يعنى في قوله: "وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ" بدلا من قوله: "وَضَرَبَ الله مثَلًا … " -للإِيذان بأَن ذلك غير مقصود بالضرب والبيان: وإِنما ذلك أَمر ظاهر يعرفه كل أَحد. اهـ.

(اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ):

أَي اقتلعت من أَصلها واستؤصلت جثتها، إِذ حقيقة الاجتثاث أَخذ الجُثَّة كلها، وهي شخص الشيءِ كما قال الراغب.

وهذا في مقابلة قوله: "أصلها ثابت" وقال: "من فوق الأَرض" لأَن عروقها قريبة من الفوق فكأَنها فوق.

(مَا لَهَا مِن قَرَارٍ):

أَي ليس لهذه الشجرة الخبيثة من ثباث في الأَرض ولا استقرار، إِذ ليس لها أَصل ثابت ولا فرع صاعد، وكذلك الكافر لا خير فيه: لا يصعد له قول طيب ولا عمل صالح، إِذ ليس لهما عنده أَساس يبنيان عليه، فهذا وَجْهُ تشبيه الكافر بالشجرة الخبيثة.

٢٧ - (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ .. ) الآية.

أَي أَنه تعالى يثبِّت الذين صدقوا برسالة الأنبياءِ والمرسلين -يثبتهم على دينهم ويقينهم بسبب اعترافهم الثابت بتوحيد اللُّه وطمأْنينتهم به، فلم تهزه الشكوك ولم يزلزله الإِيذاءُ أَو التشكيك؛ فيَظلُّون على ما هم عليه من اليقين الثابت في الحياة الدنيا، لا تزحزحهم عنه الشدائد والفتن، وإِن كانت كموج البحر أَو كقطع الليل المظلم!!