للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾ أي: ولنا أعمالنا الحسنة، ولكم أعمالكم السيئة، كما يُستفاد ذلك من التعقيب بقوله: ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ﴾ والإخلاص: هو أن يقصد بالعمل وجه الله وحده. وهؤلاء لم يخلصوا أعمالهم لله. فقد عبدوا عُزيرًا وعيسى فأَنَّى لهم دخول الجنة بأعمال أشركوا فيها:

ولم تصف أعمال المسلمين بالحسن، وأعمال سواهم بالسوء، تجنبًا لنفور المخاطبين، واكتفاء بالتعريض اللطيف: الذي توحي به جملة ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ﴾.

١٤٠ - ﴿أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى … ﴾ الآية.

أم: منقطعة، بمعنى بل وهمزة الإنكار، والآية مسوقة لإنكار قول اليهود: إن الأنبياء السابقين كانوا على دينهم وقول النصارى: إنهم كانوا نصارى مثلهم، أي: لا يقل أحد منكم هذا القول الباطل، وقد أمر الله فيها نبيه أن ينكر عليهم ويُبَكِّتَهم فيقول:

﴿قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ﴾: فالهمزة للاستفهام الإنكاري التوبيخي، وأعلم: أفعل تفضيل، والتفضيل على سبيل الاستهزاء، إذ المقصود أنهم لا علم عندهم، والمعنى: أن ما زعمتوه هو على خلاف ما يعلمه الله: فأنتم تقولون: إنهم كانوا على يهوديتكم أو نصرانيتكم، والله يقول:

﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ (١)﴾ فكيف يكون على دينكم وأنتم بعده؟ والحق أنه كان حنيفًا مسلمًا، أي: على المباديء التي أقرها الإسلام، وأهمها: التوحيد، وعدم اتخاذ الولد.

ولذا صح أن يقول الله في شأنه ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٢)﴾.


(١) آل عمران: ٦٥
(٢) آل عمران: ٦٧