"أولاها": أَن لا تطمح نفسه إِلى مثل مَا أَوتيه أَصناف من الكفار من المال والجاه فإِن القرآن أَعظم من هذا كله، فهوعز الدنيا والآخرة "والوصية الثانية" أَن لا يحزن عليهم بسبب انصرافهم عن الهدى الذي جاءهم به "والوصية الثالثة" أَن يتواضع للمؤمنين ويخفض جناحه لهم ليشتد حبهم له، واستمساكهم بدعوته والتفافهم حوله، فهم خير له من هؤلاء المترفين المستكبرين، وقد مرَّ الكلام على هاتين الآيتين وجاءَت هذه الآية مشتملة على وصية رابعة، وهي أَن يقول لجميع الناس إِنه هوالنذير الموضح لما أَنزله الله عليه من أَجلهم، من السبع المثانى والقرآن العظيم، وفي جملة ما يوضحه لهم ما أَنذرهم فيه من العقاب على مخالفتهم أَوامر ربهم، حيث يبين دواعيه وبراهينه، وإِنما اقتصر على الإِنذار مع أَن الله أَرسله بالحق بشيرًا ونذيرًا؛ لأَن المؤْمنين كانوا يومئذ قلة والكافرين كثرة، ولأَن المقام مقام تحذير وتخويف، وفي الصحيحين عن أَبي موسى ﵁ عن النبي ﷺ قال:"إِنما مثلى ومثل ما بعثنى الله به كمثل رجل أَتى قومه فقال يا قوم، إِنى رأَيت الجيش بعينى وإِنى أَنا النذير العُريان، فالنجاء النجاء، فأَطاعه طائفة من قومه فأدْلَجُوا وانطلقوا عَلَى مَهَلِهِم فنجوا، وكذَّبه طائفة منهم فأَصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأَهلكهم واجتاحهم فذلك مثلُ من أَطاعنى واتَّبع ما جئت به، ومثلُ من عصانى وكذب ما جئت به من الحق".