﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ﴾: فيما أَنزل بهم من العذاب. لأنه سبحانه أعذر إليهم، وأقام عليهم حججه. بِإرسال رسله، وإنزال كتبه.
﴿وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾: حيث عرضوها للعذاب بمخالفة الرسل، والتكذيب بما جاءُوا به، أي أن الله لم يظلمهم بتعذيبهم. ولكنهم هم الذين ظلموا أنفسهم لمباشرتهم السيئات الموجبة لعقوبتهم. وذلك ظلم بين منهم لأنفسهم.
٣٤ - ﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا﴾: معطوف على قوله سبحانه: ﴿فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ أي كذلك فعل الذين من قبلهم فأصابهم سيئات ما عملوا.
والمعنى أن الله جل شأنه أنزل بالأمم السابقة أجزية أعمالهم السيئة التي اقترفوها وتمسكوا بها، وتسمية الأجزية سيئات للمشاكلة كما في قوله: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ (١). أو لأنها مسببة عن أعمالهم السيئة، فسميت باسم سببها إيذانًا بفظاعته، وإشارة إلى بالغ قبحه، ويجوز أن يكون المعنى: فأصابهم جزاءُ سيئات ما عملوا.
﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾: أي وأحاط بهم العذاب الذي كانوا يستهزئون به ويسخرون منه كلما توعدتهم به رسلهم إِن استمروا على كفرهم، وعبر بالحيق الذي خصه الاستعمال اللغوي بإحاطة الشر، للإيذان بأن العذاب لم يقتصر على مجرد إصابتهم، بل شملهم وعمهم، أو المعنى وأحاط بهم جزاءُ استهزائهم برسولهم أو به وبغيره.