للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾: أي ولكن أكثر الناس يجهلون أنهم مبعوثون لجهلهم بشئون الله من العلم والقدرة والحكمة وغيرها من صفات الكمال وبما يجوز عليه وما لا يجوز، ولعدم وقوفهم على سر التكوين، وعلى أن البعث حق لتحقيق العدل حين الجزاء، فلجهلهم بكل هذا وإعراضهم عن الإدراك والانتفاع بالتوجيه والنصح أنكروه وبالغوا في إنكاره وكذبوا الرسل في إخبارهم به. ويجوز أن يكون قوله: ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾ للإيذان بأن ما عند أكثرهم بمعزل عن العلم المعتد به، وإنما هو توهم صرف، وجهل محض، وعلى هذا يكون لفظ ﴿يَعْلَمُونَ﴾ منزلا منزلة الفعل اللازم لم يراع فيه تعلقه بمفعول أصلا.

٣٩ - ﴿لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ … ﴾: أي يبعث الله الأموات مؤمنهم وكافرهم يوم القيامة، ليبين لهم بذلك حقيقة الحال، بما يحصل لهم من مشاهدة حقائق الأمور كما هي، ومعاينتها بصورها الحقيقية. فيصل بذلك علم المؤمنين إلى عين اليقين، ويتضح للمكذبين الجاحدين الحق الشامل لجميع ما خالفوه وأعرضوا عنه. بما جاء به الرسل الذين بعثوا إليهم ويدخل فيه البعث دخولا أوليا.

﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾: بالبعث وأقسموا على إنكاره وكفروا بالله سبحانه بالإشراك وتكذيب وعده الحق.

﴿أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ﴾: في كل أقوالهم عن الله ورسله من أَكاذيب ومن جملة ذلك قولهم: "لا يبعث الله من يموت". وجعلت غاية البعث هنا ما ذكر من بيان ما اختلفوا فيه وعلمهم أنهم كانوا كاذبين في إنكاره؛ لأن النص الكريم في معرض الرد علي المنكرين له، وإلا فالمقصود الأصلي من البعث باعتبار ذاته إنما هوالجزاء، وقد تكرر ذكره في مواضع أخر ....